الطباعة ثلاثية الأبعاد

لم يعد ضربًا من الخيال تجسيد التصاميم الرقمية ثلاثية الأبعاد في أرض الواقع، حيث أصبحت الطباعة ثلاثية الأبعاد إحدى أهم التقنيات التصنيعية، إذ يتم تقسيم التصاميم ثلاثية الأبعاد باستخدام البرامج الحاسوبية إلى طبقات، كل طبقة ذات سُمك منخفض جدا قد لا ترى بالعين المجردة، ثم تبدأ عملية التصنيع من خلال الطابعات ثلاثية الأبعاد التي تقوم بطباعة النموذج طبقة فوق طبقة للوصول إلى الشكل النهائي للتصميم. تمنح الطباعة ثلاثية الأبعاد للمهندسين والمطورين القدرة على طباعة تصاميم معقدة ومتداخلة، كما تمكنهم من طباعة أجزاء بمواد متنوعة وبمواصفات ميكانيكية وحرارية مختلفة ثم تجميعها مع بعضهم بعضًا. ومع التقدم التقني المستخدم في الطباعة ثلاثية الأبعاد، أصبحت نتائج النماذج تتشابه كثيراً مع منظر، وملمس، ووظيفة النموذج الأولي للمنتج.

الظهور الأولي للطابعات ثلاثية الأبعاد ظهر من خلال اختراع الطابعة النافثة للحبر عام 1976م. ومع مطلع الثمانينات، ظهرت أول تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد والتي كانت تسمى حينها بتقنية النماذج الأولية السريعة، ويرجع ذلك إلى أنها أكثر فعالية من حيث التكلفة والتعقيد العملياتي المصاحب للتقنيات المنافسة. ومع المزيد من التعديلات والتطويرات تحولت التكنولوجيا من الطباعة بالحبر إلى الطباعة بمواد متنوعة الخصائص، حيث تم تسجيل أول براءة اختراع لطابعة ثلاثية الأبعاد لصاحبها تشارلز هال والتي سميت آنذاك بجهاز المجسماتSLA وذلك عام 1986م. ومنذ ذلك الحين توالت التطورات والتطبيقات التقنية الخاصة بالطباعة ثلاثية الأبعاد عبر العديد من الصناعات.

ساهمت الطباعة ثلاثية الأبعاد في النمو الكبير والتطور الحاصل في العديد من المجالات الصناعية، والتعليمية، والصحية وأحرزت إنجازات كبيرة في السوق العالمي. إن دور التقنية في المجال الصناعي توسع في العقد الحالي، فقد تم استخدامها لصناعة نماذج مصغرة للمشاريع العقارية وصناعة المركبات، كما دخلت في صناعات مجال الفضاء كالترسانة ذات الشفرات، وتظهر منفعتها أيضًا في صناعة سكك الحديد، والروبوتات، وفي الصناعات البلاستيكية المختلفة. تظهر التطورات التي ساهمت فيها صناعة ثلاثية الأبعاد في المجال الصحي من خلال صناعة الجبيرة والتي تسهل مرحلة الشفاء للمريض، كما قام مختصون بصناعة كأس دلتا تيTT Cup )-( Delta وهي تصميم محاكٍ لتركيب رأس العظام الطبيعي، وتدخل مادة التيتانيوم في تصنيعه مما يحفز نمو العظام حول الجهاز المزروع، وأحرزت توسعاً كبيراً في صناعة أقنعة الواقية من كوفيد 19. أما المجال التعليمي فتمكنت العديد من الجامعات كـجامعة تكساس وجامعة فرجينيا التقنية من وضع برامج دراسية خاصة للطابعات ثلاثية الأبعاد، ودور الشركات في إقامة الورش التعليمية وتأليف الكتب وإقامة المراكز التي تساهم في نشر المعرفة حول تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد مثل شركةtech nooI في سلطنة عُمان.

أما عن مستقبل الطباعة ثلاثية الأبعاد، فهي تكنولوجيا المستقبل، وتعد إحدى التقنيات التي تسلك الاتجاه الصحيح نحو الحفاظ على للبيئة من حيث إعادة التدوير، وقلة المخلفات التصنيعية. وتُوصف بالتجديد والنمو السريع، حيث يتوقع أن يمتلك كل فرد بعد 100 عام طابعة في منزله قادرة على طباعة أي شيء على الإطلاق، حتى بناء المنازل والمباني، ومن الممكن أن تصل إلى الأعضاء البشرية، كما أنه يمكن لزمان صنع السيارات أن يقل باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد التي تسهل عمليات التصنيع بشكل كبير. إن هذا التسارع التقني في الطابعات ثلاثية الأبعاد أصبح ثورة، وربما سنشهد في قادم السنوات مستعمرات على المريخ صُنعت بالطابعات ثلاثية الأبعاد


Previous
Previous

فوائد الطباعة ثلاثية الأبعاد في القطاع الطبي: جبيرة اليد